في زمنٍ مضى قبل سنوات
كنا نستيقظ فجرا على صوت المؤذن أو قبله بقليل
فـ الوضوء ثم الخروج الى المسجد حتى سمانا الناس ( الفجريون )
ونمكث هناك بعد الصلاة الى الشروق في ذكر وتسبيح وتلاوة
بعدها نعود الى البيت فـ ما أشهى الفطور في حديقة خضراء ونسماتٍ صباحية
ترتاد وجوهنا لتبعث فيها الأمل برضا الله في يومٍ جديد
وبسم الله نخرج لكسب الأرزاق
ثم
في زمن حاضر
أصبحنا نستيقظ على صوتِ نفس المؤذن ولكن الأذان ظهراً
ونهوض ثقيل وتكاسل عن القيام فـ وضوء ثم الصلاة في المنزل
حتى سمانا الناس ( الظهريون )
حال مؤلم وحياة مقلوبة وخوف من تسمية قادمة قد يطلقها الناس علينا
فـ يقال ( العصريون )
والظهر فاصل زمني
في ساعة من ساعات الظهيرة الصيفية اللاهبة سمعتُ جرس الباب فخرجت
وأنا أتمتم بكلمات غاضبة أن الناس أصبحوا لايهتموا في أي وقت يأتون و ،،،،،
فتحت الباب وإذا برجل كبير في السن اقترب من السبعين بتقديري أو تجاوزها
بقليل وظننته متسولاً أو عابر سبيل أصابه العطش ، حتى سلم عليّ ورددتُ
السلام وقلت تفضل ياعم فقال رأيت نخلتكم هذه وتسائلت إن كنتم تريدون تشذيبها
فقلتُ له ومن سيقوم بهذا فكما تعرف ان الناس قد شبعت من سرقة المال
العام مستغلين فوضى الاحتلال ولم يبق أحد يحتاج لمثل هذا العمل !
قال : أنا أحاول أن أحصل على رزقي الحلال ، قلتُ وأين رزقك ،، فقال بلهجته مامعناه
( أن الرزق ان لم ينزل الينا صعدنا إليه ) فقط اسمح لي بالدخول ،، فقلت تفضل وأنا
مندهش من قوله ، وذهبت مسرعا لآتيه بماء بارد يشربه بينما ظل هو واقفا يشمخ
بعينيه الى رأس النخلة وكأنه يتوعدها بشيء ، وما أن عدتُ بالماء لم أجد الرجل وتلفت
يمنة ويسرة وإذا بي أسمع ضحكته وهو يعتلي النخلة برشاقة الشباب وقال لي
( صعدتُ الى رزقي وسأعود لشرب الماء بعد أن انتهي )
قلتُ : تليق بك القمة ياعم
وكان الرجل فاصلة زمنية
في لحظة الصدق نتألم وفي لحظة الكذب نتمنى وبين اللحظتين فارق بحجم أخلاقنا
نتألم لضياع الصدق برياح الريبة والشك ،، ونتمنى حين نكذب أن يسمح لها الناس
بالمرور ولو بغفلة من ارتيابهم ،، وقد يحدث
بل حدث !!
ترى أين الفاصل الزمني بين الصدق والكذب